كم مرة يجب أن تموت فلسطين؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

علي مدار قرون من الزمان قامت الثورات الفلسطينية والعربية من أجل هدف واحد ألا وهو تحرير الأرض من المغتصب وطرد الاستعمار من البلاد العربية.. لذلك قدمت هذه الثورات من البطولات والتضحيات والنضالات ما لا يقدر بثمن من اجل ذلك الهدف النبيل..

وعندما قامت حركة فتح كان شعارها ثورة حتي النصر وبدأت نضالها وحربها ضد العدو المحتل من أجل تحرير الأرض وطرد المحتل.. وقبل ان يعقد مؤتمر السلام في وادي عربة وبعده. وقبل وصول حركة حماس لسدة الحكم كانت تقود الثورة ضد المحتل وتقود الانتفاضة والنضال..

والآن وبعد مرور ستون عاماً من احتلال فلسطين اتضح بشكل جلي أن كل الثورات التي قامت والحروب التي خاضها الفدائيون الفلسطينيون والفدائيون العرب كانت من أجل أن نصل الي ما وصلنا إليه اليوم.. ألا وهو تصفية الحسابات وتقسيم المقسم وتجزيء المجزأ وتقطيع المقطع!!..

لقد كنت أفتخر بأني فلسطينيٌّ وأفتخر بأني لاجيء.. لأني كنت أري البطولة والتضحية أمام عينيَّ يومياً دفاعاً عن الأرض والعرض والشرف.. لأني كنت أري أن أولئك الذين يحملون السلاح ويسمون فدائيين هم حقاً فدائيون حملوا أرواحهم علي أكفهم وألقوا بها في مهاوي الردي للقضاء علي المحتل وإخراجه من ديارهم.. لذلك كله أعتز بفلسطينيتي.. ولكن..؟..

الحلم الآن اختلف كما اختلفت كل المفاهيم عن الثورة وعن الفدائيين.. وتلوثت تلك الصورة بظهور الثوريين الجدد من فتح وحماس.. لقد تحولت المعركة الآن مائة وثمانين درجة وانقلبت الآية من الدفاع والاستشهاد في سبيل الوطن الي الاقتتال والتحارب من اجل قتل الوطن.. قتل فلسطين.. كل فلسطين..

لأجل ماذا يجري ما يجري الآن.. هل حقاً لعب الدولار لعبته السحرية في قلب الموازين الثورية.. وأصبح النضال يقاس بكم سأجني من الدولارات.. أنا علي يقين بأن هنالك صبية يسمون أنفسهم صقور يعملون بارت تايم لدي الموساد الإسرائيلي والسي.آي.ايه الأمريكي وهم علي أهبة الاستعداد لاقتلاع جذور أي فلسطيني شريف يدافع عن وطنه من الأرض.

علي كل حال أنا لن أحمل فتح أو حماس وحدهما مسؤولية ما يجري فقد تكرمت علينا بعض الأنظمة العربية العروبية التي تخاف علي مصالح الشعب الفلسطيني وتدعي انها تحميه بأن ساهمت في إشعال نار الفتنة.. ولكن لأجل ماذا..؟

جواب هذا السؤال واضح وضوح الشمس.. وهو ان قضية فلسطين أصبحت كالصداع المزمن الذي يجب التخلص منه بأي وسيلة.. لتثبيت الكراسي والعروش والمضي قدماً في توريث الحكم للأبناء بعيداً عن أي ضوضاء، وحان الآن أن تفرض الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية سطوتها علي حل قضية فلسطين حسب ما يرونه مناسباً لها.. والحل المناسب هو القضاء علي حماس وإعادة احتلال غزة وتسليمها لمن اختاروهم لقيادة الشعب الفلسطيني.. لعملائهم وتلامذتهم أمثال ممن يدعون انهم أبناء فلسطين.

إن قضية فلسطين ماتت حين خرج الفدائيون من لبنان بضغط عربي.. وماتت حين مسحت اللاءات الثلاثة وماتت حين عقد مؤتمر السلام في وادي عربة أيضاً بضغط عربي.. وماتت حين مات الختيار ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين.. وماتت حين قتل الأخ أخاه.. وماتت حين أصبح الحق باطلا والباطل حقاً..

لست أدري كم مرة يجب أن تموت فلسطين.. ألا يكفي.. أننا عشنا حياتنا كلها علي أمل أن نعود يوماً الي حضن فلسطين.. ألا يكفي أننا شُردنا وذُبحنا وقُتلنا وتحملنا كل ما تحملنا من أجل حلم العودة الي ربوع فلسطين..

أكيدٌ لو أن حماس وفتح عانا كما عانينا وعاشا كما عشنا وشعرا بما شعرنا لدفنا نفسيهما في أقرب مزبلة للتاريخ ولكن خارج حضن فلسطين.. لأن فلسطين لا يشرفها بأن يكون أبناؤها من أولئك القتلة..

بقلم : خليل الحشاش
احد لاجىء فلسطين

شكرا