مضى الليل الا نصفه ,وسكن كل شيء لسكونه الموحش,فلا تسمع بين الفينة والأخرى الا أصوات بعيدة تحملها رياح البحر الغربية ,فتتناهى الى أذنيك لغطا لايفهمه الا من عاش على شواطىء هذا البحر أو بين أشجار الزيتون القريبة من شاطئه,حيث تعيش الأرواح في داخلها.
هنا في حقل الزيتون وبعد ان يهدأ الضجيج الآتي من الجبال والوهاد ومن البحر والسماء تخرج الارواح من الاشجار لتتعرف على سكان الأبدية الجدد.
كنت احدى هذه الأرواح التي تركت سكنها لتتعرف وتسمع مايدور بين الارواح القادمة الينا,بعد كل عاصفة تقوم على الارض او في السماء .
لقد أدهشني وجود أرواح أشد نورانية واكثر شفافية من ارواحنا نحن شهداء العواصف.
كانت هذه الأرواح حائرة بين هذا الجمع,لاتدري اين ستجد شجرة صغيرة او غصن زيتون يناسبها,اقتربت من احداها وكان تلتمع كنجم القطب ,أثارني الفضول سألتها عن نورانيتها المبهرة وشفافيتها الزائدة فقالت: هكذا أرواح الأطفال دائما,لقد أجبرت على ان اخرج من جسد طفلة لايزيد عمرها عن اثني عشر عاما,وهذه روح أخي بجانبي أنظري كم هي لامعة لقد هجّرتها شظية من عاصفة سماوية من جسد ابن خمس سنوات سألتها :وهل كل هذه الأرواح الشبيهة بكما اتت الى هذا المكان من العواصف السماوية فأجابت :والبحرية بعثت مثلها,ومازالت الأرضية تبعث بالمزيد....!
غدا قالت روح ابن الخمس : ستأتي أرواح رفاقي في الحضانة وسنلعب معا كما كنا نلعب من قبل قبل ان نغادر اجسادنا ,ولكن ارجو الا يخطؤوا المكان فهناك حقول كثيرة مزدحمة بأرواح أمثالنا,اني متأكدة من أنهم سيأتون لاني سمعت أبي يقول قبل ان يغادر جسده بلحظات: باسم السلام والعدل الذي يريده العالم القوي سوف تخرج أرواح كثيرة من اجسادها ,وباسم الحب,ومن اجل احقاق الحق ستكون ارواح الأطفال شعار السلام ومنار الحرية...!
أصاب الوجوم روحي ,وكاد مافيها من بريق يختفي فاحتضنت الروحين وطفقت أبحث لهما عن غصن زيتون يأويان اليه.
طل