الشيطان طبيب للمفاصل !!
لديّ قناعة قديمة بأن من أوضح الغيبيات التي نؤمن بها وأكثرها جلاءاً بعد وجود الله عز وجل هو وجود الشيطان !
فأنت تكاد تلمس إبليس وتمسكه بيدك في كل يوم عشرات المرات وهو متلبس بجريمة الوسوسة !
هل تحبّ أن تجرّب ذلك؟!
إليك التجربة الأسرع والأسهل
أمسك بيدك مصحفاً وابدأ بالقراءة .....
خلال ثوان قليلة سيبدأ النعاس يهبط عليك من كل ناحية ! وستتذكر أنك على غير وضوء!
وأن أجر القراءة بوضوء أعظم ! فلتؤجل القراءة الى وقت آخر تكون فيه متوضئأً !
وربما يتحول النعاس إلى نوم
فتجد نفسك بعد نصف ساعة قد نمت وسقط المصحف من يدك !
الآن أترك المصحف جانباً وأمسك بأي جريدة أو مجلة سيعود إليك النشاط مجدداً ويذهب النعاس بعيداً!
خصوصاً إن كانت هناك صور أو أخبار مثيرة !!
وقد تنسى نفسك مع المجلة وتنسى التجربة التي بدأناها معاً
فهل هذه صدفة ! ؟
لا شك أنكم قد جربتم ذلك عشرات المرات
مما يؤكد أنها ليست بصدفة
- تجربة أخرى...
إعزم على الصيام لغير القضاء
وراقب كم مرة يأتيك الشيطان يراودك على الإفطار ويزين لك الشاي والفول والفلافل وزجاجة الكولا ...
مع أنك في الأيام العادية - وهذا يحصل معي كثيراً خصوصاً أيام الشتاء - قد يؤذن لصلاة العصر دون أن تنتبه للطعام والشراب أو تفكر فيهما وتنشغل عنهما بشكل كامل
حتى أنني ذهبت إلى البيت قبل مدّة قريباً من أذان المغرب فسألتني أم حسان : ماذا أفطرت اليوم ؟
ولما حاولت التذكر وجدت أني نسيت أن أفطر !
فما الفرق بين الحالتين ؟ إنه إبليس العدو النشيط!
قبل أشهر ذهبت إلى الطبيب شاكياً من ألم في الركبة فأوصاني بالراحة والصلاة جالساً لمدة محدودة
فالتزمت بذلك وشفيت بحمد لله
لكن الشيطان لم يعجبه أن أعود للصلاة واقفاً
فصار يأتيني عند كل صلاة ناصحاً إياي أن أصلي جالساً حفاظاً على مفاصلي
و مناشداً لي ان اترك صلاة النافلة بالمرّة على أساس أنها ليست بأهمية الفريضة ولأن ركبتاي قد تستهلكان من كثرة الصلاة !!
والغريب أنه لا يأتيني واعظاً طول النهار عندما أحمل البضاعة الثقيلة وأمشي المسافات الطويلة !
فيا له من طبيب مزيّف!
أنظر إلى نفسك كيف تكون في رمضان حين تكبّل الشياطين كيف تهون عليك الطاعات وتسهل
وكيف تكون مقاومتك للمعاصي أكبر وأعظم
وقارن ذلك بما تكون عليه بعد رمضان بل أيام العيد حين تنفك قيود الأباليس !!
ألا تجد فرقاً واضحاً وجليّاً ؟
فهل يستطيع عاقل أن ينفي وجود الشيطان بعد كل هذه الوقائع التي تكاد تكون (مشاهدات)!
كم من مرة هممت فيها بالقيام إلى الصلاة فذكّرك الشيطان برسالة خلوية وصلتك ولم تقرأها ؟! ثم انشغلت بالرسالة والرد عليها !
أو بمكالمة فائتة لم تعرف مصدرها بعد !
أو نبهك إلى أن موعد الأخبار على الجزيرة قد حان !
أو أوحى إليك بفكرة لمدوّنة لابد أن تقيدها بالكتابة حتى لا تنساها؟!
وهكذا يظل يشغلك بالشواغل حتى يضيع عليك وقت الأفضلية للصلاة إن لم يضيعها عليك بالكامل لا سمح الله
شاهد أخير وليس بآخر الشواهد
كلنا نذهب إلى الأسواق ونشتري الكثير والقليل دون قلق في الغالب لكننا عندما نواجه موقفاً يتطلّب منا إنفاقاً في سبيل الله خصوصاً إن كان المبلغ بقيمة وجبة غداء مثلاً !
فإن الشيطان ينتصب أمامك
يعدك بالويل والثبور وعظائم الأمور إن تبرعت
لأن أولادك سيجوعون من بعدك
وأسعار النفط الغاضبة لن ترحمهم ولا بد أن تدخر قرشك الأبيض لليوم الأسود القادم
سوّد الله وجهه !
إن هذه المعارك اليومية وعلى مدار الساعة مع إبليس
هي دليل دامغ وظاهر على وجوده وحياته معنا بل وفي دمنا كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام (إن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم من العروق)
فهل نزداد إيماناً بوجوده وبسالة في الحرب ضده ؟!
أعانني الله وإياكم على ذلك
وأعاذنا بجلاله من الشيطان الرجيم